أحداث النهاية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار.
قال تعالى : ( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) سورة ( آل عمران : 102 ).
وقال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذى تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) سورة ( النساء : 1 ) .
وقال تعالى : ( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) سورة : ( الأحزاب : 70،71) .
ثم أما بعد :
فلقد كثر الحديث فى السنوات الماضية عن أحداث النهاية ، وعن الملاحم والمعارك والأمارات الصغرى والكبرى التى ستقع بين يدى الساعة .
ولم يقتصر الحديث فى هذا الموضوع الخطير على العلماء والدعاة من المسلمين فحسب ، بل انشغل به كثير من القادة والزعماء والعلماء والمفكرين والكتاب من غير المسلمين أيضاً .
والجدير بالتأمل العميق أن ما يكتبه ويتحدث به هؤلاء ليس من باب الطرح الفكرى أو الثقافى الذهنى البارد !! بل من منطلق عقدىّ بيّن .
يقول ابن القيم رحمه الله Sad والأمم الثلاث تنتظر منتظراً يخرج فى آخر الزمان ، فإن وُعِدوُا به فى كل ملة ، والمسلمون ينتظرون نزول المسيح عيسى ابن مريم من السماء لكسر الصليب ، وقتل الخنزير ، و قتل أعدائه من اليهود وعباده من النصارى ، وينتظرون خروج المهدى المنتظر من أهل بيت النبوة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً ) .
وهذا أول رئيس وزراء لدولة اليهود ( بن جوريون ) يقول : ( تستمد الصهيونية وجودها وحيويتها من مصدرين : مصدر عميق عاطفى دائم وهو مستقل عن الزمان والمكان ، وهو قديم قدم الشعب اليهودى ذاته ، وهذا المصدر هو الالوعد الإلهى و الأمل بالعودة . ويرجع الوعد إلى قصة اليهودى الأول الذى أبلغته السماء أن ( سأعطيك ولذريتك من بعدك جميع أراضى بنى كنعان مُلكاً خالداً لك ) . وهذا الوعد بوراثة الأراضى رأى فيه الشعب اليهودى جزءاً من ميثاق دائم ، وتعاهدوا مع إلههم على تنفيذه وتحقيقه ، والإيمان بظهور المسيح لإعادة المملكة أصبح مصدراً أساسياً فى الدين اليهودى يردده الفرد فى صلواته اليومية ، إذ يقول بخشوع وابتهال : أؤمن إيماناً مطلقاً بقدوم المسيح ، وسأبقى حتى لو تأخر أنتظره كل يوم ) .
فاليهود يعتقدون أن المسيح المنتظر سيكون من بنى إسرائيل ، وسيكونون جنده و أعوانه ، وسيحكم العالم كله من أورشليم ( القدس ) !! والنصارى يعتقدون بعودة المسيح ، ونزوله إلى الأرض ليقتل اليهود والمسلمين وكل من لا يدين بدينهم فى معركة فاصلة يسمونها ( هرمجدون ) أو ( سهل مجيدون ) . وهو سهل فى أرض فلسطين ، يعتقدون أن هذه المعركة الحاسمة ستكون على أرضه !!
تقول الكاتبة الأمريكية ( جريس هالسل ) : ( اقتناعا منهم بأن هرمجدون نووويه لا مفر منها بموجب خطة إلهية ، فإن العديد من الإنجيليين بالتدبرية ألزموا أنفسهم سلوك طريق مع اسرائيل يؤدى بصورة مباشرة باعترافهم أنفسهم إلى محرقة أشد وحشية ، وأوسع انتشارا من أى مجزرة يمكن أن يتصورها عقل أدولف هتلر الإجرامى ).
بل يصور ( أوترال لوبرتس ) صاحب كتاب ( دراما نهاية الزمن ) وكذلك ( هول لندسي ) صاحب كتاب ( نهاية الكرة الأرضية العظيمة ) يصوران نهاية مأساوية مثيرة قريبة للعالم فى تلك المعركة التى يسمونها ( هرمجدون ) إلى الحد الذى عبّر عنه أحدهم بقوله : ( لا داعى للتفكير فى ديون أمريكا الخارجية أو ارتفاع الضرائب أو مستقبل الأجيال القادمة ، فالمسألة بضع سنوات ويتغير كل شئ فى العالم جذريا ) .
وهذا كاتب أصولى أمريكى آخر يدعى ( لارى جونز ) يقول Sad إن المؤمن بنظرية ( هرمجدون ) هو أصولى يقرأ الكتاب المقدس كما يقرأ قاموساً ليتنبأ بالمستقبل ... ثم يقول : إن اليمين المسيحى الجديد يعتقدون فى أن الكتاب المقدس يتنبأ بالعودة الحتمية الثانية للمسيح بعد مرحلة من الحروب النووية العالمية ، أو الكوارث الطبيعية ، والانهيار الاقتصادى ، والفوضى الاجتماعية ، وإنهم يعتقدون أن هذه الأحداث يجب أن تقع قبل العودة الثانية ...ثم يقول : وفى نهاية المحنة سيعود هؤلاء المسيحيون المولودون من جديد مع المسيح كقائد عسكرى ظافر لخوض معركة ( هرمجدون ) لتدمير أعداء الله ، وسوف يبقوا معه الفترة السعيدة ، وهى التى سوف يحكم منها المسيح الأرض لمدة ألف سنة ) .