قصيدة قطاف الزيتون للشاعر حسن منصور / منتديات اهالي ممحافظة سلفيت

قصيدة كتبتها منذ عام 1983م، أعيد نشرها هنا مهداة إلى كل أهلنا أهل فلسطين والأردن؛ أخوين حبيبين متعانقين، وعلى الأخص إلى أهلنا في محافظة سلفيت الحبيبة أم الزيتون المبارك، وإلى الأخ الشاعر (عمر القاضي) الذي ذكّرني ببداية موسم قطف الزيتون هناك:

صـــــورةٌ مــــن فـــلســــطــين
(موسم قطف الزيتون)
في الصّباح
معْ بَقايا اللّيلِ والفجْرِ الْجَديد
عنْدما تُصْبحُ أحلامُ النِّيام
كالضَّباب
تَتراءى بين نورٍ وظلام :
يطرَبُ الْحادي ويَمْضي
والشّتاء
بردُهُ القارِسُ قد جَمّدَ آثارَ الْحَياة
لا عُواءُ الذئبِ مسْموعٌ ولا تَلْقى خُطاه
ليسَ للطيْرِ صِياحٌ أو غِناءٌ أو رَفيف
ليس إلاّ بعضُ هَمْسٍ من حَفيف
كلُّ شيءٍ في سُباتٍ وجُمود
غيْرَ صوْتٍ يقطَعُ الصّمتَ صَداه
وهوَ في الوادي بعيداً يتَردَّد
ويُنادي ويُغنّي
(مَيْجَناهُ والعَتابا) ويقول:
(أنتِ يا ذاتَ العيونِ
يا كَحيلةْ
أنتِ لِي رغْمَ الدُّيونِ
يا جَميلةْ
مهرُكِ الْمالُ الكَريمْ
ليس يَكفي
كنتُ أُهديكِ النّجومْ
لوْ بِكَفّي
جاءَنا وقْتُ القِطافِ
يا حَلالِي
زيْتُنا كالنّورِ صافِ
كالَّلآلِي
أنْتِ يا بنتَ الرّجالِ
والعَشيرَة
أبْشِري يا بنْتَ خالِي
يا أميرَة
أنا حَظّي في السّماءِ
من بلادي
وهي رمْزٌ للعَطاءِ
والأَيادي
من رُبَى أرضِ الْجَليلِ
أو بِغزَّة
منبَعُ الخيرِ الْجَزيلِ
والْمَعَزَّة.)
****
يطرَبُ الْحادي ويَمْضي
والشّتاء
لَم يُجَمّدْ أيَّ شيءٍ
مُلِئَ الْجوُّ نَشاطاً وحَياة
وأَتى النّاسُ تِباعاً
تسْمعُ الأصواتَ في كلِّ اتّجاه
تَتغَنّى وتُنادي
بائعُ الْحَلوى يْنادي:
(يا حَلاوَة … يا هَريسَة)
وتَرى طفْلاً يُنادي:
(انتَظِرْ عَمّي فَرَجْ،
انتظِرْ بِعْني هَريسَة!).
وطيورٌ قد أفاقَت
فهْيَ تَشْدو ..
وترى الشّحرورَ في الْجوِّ يَدور
ونُباحٌ وثُغاء .. وصَهيلٌ ونَهيق
قد أفاقَ النّورُ فالدّنيا تُفيق
وسَرى في الْجَوِّ روحٌ وحُبور
كلُّ شيءٍ يتَكلّم
كلّ شيءٍ حوْلَنا فيه السّرور
نَشوَةٌ كالعيدِ، كاللّحْنِ تَسامى بالنّشيدِ
وتَرى الزّيتونَ يَهتزُّ نديّاً
فَرِحاً يُعطي جَناه
لأَيادٍ قد أَحَبّتهُ وعاشَتْ في هَواه . 
**** 
[من المجموعة الرابعة، ديوان: (شواطئ السراب) دار أمواج 2014م]